طعم الحب (...عن شتاء قديم! )
لم يعد ثمة. الآن من يرتبك.
من يخجل ومن يصاب جبينه بالعرق أن مسيه كف امرأة !
ذلك العاشق القديم لم يعد.
الذي كان يدور في الشتاء على الأرصفة يدندن باسم حبيبته كاللحن المدزون ... اختفى!
العاشق الذي يبات يهذي بعبارة الرضا المتلعثمة سمعها من فتاة خجلى, فيحلم تلك الليلة أنه ينام في أرض خضراء على وسادة الغيم الطري!
ينهض في الفجر البارد.ليحلق ذقنه مرتين ويلمع حذائه مرتين ويستعير ساعة والده ويذهب للموعد يؤخر رجلا ويقدم اثنتين!
العاشق الذي يمشي للمرأة الأولى كأنما يمشي للمرة الأولى !
تصطاد درجات المطعم سذاجته فيكاد ينقلب على وجهه يرتطم بطاولات كثيرة قبل أن يد النادل إلى الطاولة!
يدلق نصف العصير على شرشف الموعد الأول!
يختار كلمات الترحيب بالفتاة المذهلة كأنما يتعرض لامتحان "الإنشاء " ويروح يعدد أسماء الحب وأخلاقه الفاضلة!
العاشق الذي كان يرتبك... اختفى.
وصار ينام ملأ جفونه.
الدهشة , أيضا , اختفت.
***
لا يتكلف الفتى العاشق الآن أكثر من إصبع واثق تتحرك على شاشة الهاتف الجوال كبهلوان!
أو إصبعين إن برحه الهوى فيطبع بأحرف لاتينية لغة ثالثة سريعة اقتضاها عصر الوجبات السريعة والعلاقات السريعة.
ويذهب " الايميل " وحده لا يحمل وردا ولا يدلق عصيرا ولا يتعثر بالدرج !
يقابل الفتى الآن امرأته على " الشات " وهو مسترخي في بيجامة النوم دون أن يحلق ذقنه !
وال ( كي بورد ) كائن عملي لا يصاب بالحرج ولا تحمر شاشته إن داهمها الخجل !
***
أصابع " العولمة " لا ترتبك.
والفتى لا يقف الآن على باب منزله تحت المطر الغزير ينتظر ساعة أو اثنتين أو ثلاثا حتى متر بمريولها المتردد و تأخذ وهي تتلفت رسالة أسال الشتاء وعرق الكف اللاهث حبرها الأزرق!
****
لا أحد يسهر محملقا في الجدار الآن !
يبقى يتفكر حتى ((الآذان )) ما الذي سيقوله غدا !
ف ( الموبايل ) رهن فكرته الشاردة واقتراحه العاطفي
لن يضرب بقبضة كفه على الجائط المجاور متسائلا : (( أتراها غضبت))؟
فها هي تسارعه ب (الرسالة ) وربما ب ( الصورة ) فيبرد فحيح الترقب في عظام ساقيه !
****
لم يعد الآن من يخجل ومن يرتبك
الحب متوفر بكثرة والفتى العاشق يدلق عبارات الغزل على " الطابعة "
وهو يوقع صفقة لتجارة الخشب!
لم يعد من يمرض ويصاب بالحمى لانها غابت عن طريق المدرسة يومين متتاليين!
.... ....
يا للخسارة لم يعد هناك من يحلق ذقنه مرتين!
أعزائي القراء هذا المقال اخترته لكم لما فيه من تلخيص لواقع علاقاتنا وعولمتنا وحتى قلوبنا
هذا المقال كتب بقلم الكاتب الصحافي: ((إبراهيم جابر إبراهيم )) له كل الشكر على هذا المقال الأكثر من رائع له كل التقدير
تحياتي لكم