لا أنتِ أنتِ ولا الديارُ ديارُ خفَّ الهوى وتولتِ الأوطارُ
كانَتْ مجاورة ُ الطُّلولِ وأَهلِها زَمناً عِذابَ الوردِ فهي بِحارُ
أيَّامَ تُدْمِي عَينَه تِلكَ الدُّمى فيها وتقمرُ لبهُ الأقمارُ
إذ لا صَدوفُ ولا كَنودُ اسماهُما كالمعنيين ولا نوارُ نوارُ
بيضٌ فَهنَّ إذا رُمِقْنَ سَوافِراً صورٌ وهنَّ إذا رمقنَ صوارُ
في حَيثُ يُمتهنُ الحَديثُ لِذي الصبا وتُحصَّنُ الأسرَار والأَسرارُ
إذْ في القتادة ِ وهي أبخلُ أيكة ٍ ثَمرٌ وإذ عُودُ الزَّمانِ نُضارُ
قَدْ صَرَّحتْ عنْ مَحضها الأخبارُ واستبشرتْ بفتوحكَ الأمصارُ
خبرٌ جلا صدأَ القلوبِ ضياؤهُ إذْ لاحَ أنَّ الصدقَ منهُ نهارُ
لولا جلادُ أبي سعيدٍ لم يزلْ للثغرِ صدرٌ ما عليه صدارُ
قدتَ الجيادَ كأنهنَّ أجادلٌ بِقرَى دَرولِية ٍ لها أوْكارُ
حتَّى التَوى منْ نَقعِ قَسطَلها على حِيطانِ قُسطنطينة َ الإعْصارُ
أوقدتَ من دُونِ الخليجِ لأهلها ناراً لهَا خَلفَ الخليجِ شرارُ
إلا تكنْ حصرتْ فقدْ أضحى لها منْ خوفِ قارعة ِ الحصارِ حصارُ
لوْ طاوعتكَ الخيلُ لم تقفلْ بها والقُفْلُ فيه شَباً ولا مِسمارُ
لمَّا لَقوكَ تَواكلُوكَ وأعْذَرُوا هَرباً، فلمْ ينفعهُمُ الإعذارُ
فهُناكَ ناُر وَغى ً تُشَبُّ وهَاهُنا جَيشٌ له لَجبٌ وثَمَّ مُغارُ
خشعوا لصولتكَ التي هي عندهم كالموتِ يأتي ليسَ فيهِ عارُ
لما فصلتَ منَ الدروبِ إليهمِ بعرمرمٍ للأرضِ منهُ خوارُ
إنْ يبتكرْ ترشدهُ أعلامُ الصوى أو يسرِ ليلاً فالنجومُ منارُ
فالحَمَّة ُ البَيْضاءُ مِيعادٌ لَهمْ والقُفلُ حَتمٌ والخليجُ شِعارُ
علموا بأنَّ الغزوَ كانَ كمثلهِ غَزواً وأنَّ الغَزو مِنكَ بَوارُ
فالمشيُ همسٌ والنداءُ إشارة ٌ خَوفَ انتِقامِكَ والحَديثُ سِرارُ
إلا تنل منويلَ أطرافُ القنا أو تُثنَ عَنهُ البيضُ وهيَ حِرارُ
فلقدْ تمنى أنَّ كلَّ مدينة ٍ جَبلٌ أَصمُّ وكلُّ حِصْنٍ غَارُ
إلا تفرَّ فقدْ أقمتَ وقدْ رأتْ عَينَاكَ قِدْرَ الحربِ كيف تُفارُ
في حَيْث تَستَمِعُ الهَريرِ إذا عَلا وترى عَجاجَ الموتِ حينَ يُثارُ
فانْظُرْ بِعَيْنِ شَجَاعَة ٍ فَلتعْلَمَنْ أنَّ المقامَ بحيثُ فرارُ
لَمَّا أَتتكَ فُلُولُهمْ أَمْدَدَتهُم بِسَوابِقِ العَبرَاتِ وَهْي غِزَارُ
وضربتَ أمثالَ الذليلِ وقد ترى أَنْ غَيْرُ ذَاكَ النَّقْصُ والإمْرَارُ
الصَّبْرُ أجمَلُ والقَضَاءُ مُسلَّطٌ فارضوا بهِ والشرُّ فيه خيارُ
هَيْهَاتَ جاذَبكَ الأعِنَّة َ باسِلٌ يعطي الأسنة َ كلَّ ما تختارُ
فمَضَى لَوَ أنَّ النَّارَ دُونَكَ خاضَها بالسَّيْفِ إلاَّ أنْ تكونَ النَّارُ
حَتَّى يَؤُوبَ الحَقُّ وهْوَ المُشتَفِي منكمْ وما للدينِ فيكمْ ثارُ
للَّهِ دَرُّ أبي سَعِيدٍ إنَّهُ لِلضَّيْفِ مَحْضٌ لَيْسَ فيهِ سَمَارُ
لَمَّا حَلَلْت الثَّغْرَ أصبَحَ عالِياً للرُّومِ مِنْ ذَاكَ الْجِوارِ جُوَارُ
واستيقنوا إذْ جاشَ بَحرُكَ وارتَقى ذاكَ الزئيرُ وعزَّ ذاكَ الزارُ
أنْ لَسْتَ نِعْمَ الجَارُ للسُّنَنِ الأُولَى إلا إذا ما كنتَ بئسَ الجارُ
يقظٌ يخافُ المشركونَ شذاتهُ متواضعٌ يعنو له الجبارُ
ذللٌ ركائبهُ إذا ما استأخرتْ أسفارهُ فهمومهُ أسفارُ
يسري إذا سرتِ الهمومُ كأنهُ نجمُ الدجى ويغيرُ حينَ يغارُ
سمقتْ بهِ أعراقه في معشرٍ قَطْبُ الوَغَى نُصُبٌ لهُمْ ودَوَارُ
لا يأسفونَ إذا همُ سمنت لهمْ أحسابهم أنْ تهزلَ الأعمارُ
مُتَبهمٌ في غَرْسِهِ أنصَارُه عندَ النزالِ كأنهم أنصارُ
لُفُظٌ لأخْلاقِ التجارِ وإنَّهُمْ لغداً بما ادخروا له لتجارُ
ومُجَربون سَقاهُمُ مِنْ بأْسِهِ فإذا لُقُوا فكأنَّهُمْ أغْمارُ
عكفٌ بجذلٍ للطعانِ لقاؤهُ خَطَرٌ إذا خطَرَ القَنَا الخَطَّارُ
والبيضُ تعلمُ أنَّ ديناً لم يضعْ مذ سلهنَّ ولا أضيعُ ذمارُ
وَإذَا القِسِيُّ العُوجُ طَارَتْ نَبْلُها سومَ الجرادِ يسيحُ حينَ يطارُ
ضمنتْ لهُ أعجاسها وتكفلتْ أَوْتَارُها أنْ تُنْقَضَ الأوْتَارُ
فدعوا الطريقَ بني الطريقِ لعالمٍ أنَّى يُقَادُ الجَحْفلُ الجَرَّارُ
لَوْ أنَّ أَيْدِيكُمْ طِوَالٌ قَصَّرتْ عنهُ فكيفَ تكونُ وهيَ قصارٌ
هو كَوكَبُ الإسْلامِ أَيَّة َ ظُلْمَة ٍ يخرقْ فمخُّ الكفرِ فيها رارُ
غادرتَ أرضهمُ بخيلكَ في الوغى وكأنَّ أمنعها لها مضمارُ
وأقمتَ فيها وادعاً متمهلاً حتى ظننا أنها لكَ دارُ
بالمُلْكِ عَنْكَ رِضاً وجابِرُ عظْمِهِ أرض وبالدنيا عليكَ قرارُ
وأَرَى الرياضَ حَوامِلاً ومَطَافِلاً مُذْ كنتَ فيها والسَّحابُ عِشَارُ
أيَّامُنا مَصْقُولَة ٌ أَطرَافُهَا بكَ واللَّيالي كُلُّها أَسْحَارُ
تندى عفاتكَ للعفاة ِ وتغتدي رُفَقاً إلى زُوَّارِكَ الزُّوَّارُ
هِمَمِي مُعَلَّقَة ٌ عليكَ رِقابُها مغلولة ٌ إنَّ الوفاءَ إسارُ
وَمَوَدَّتي لك لا تُعارُ بَلى إذا ما كانَ تامورُ الفؤادِ يعارُ
والناسُ غيركَ ما تغيرُ حبوتي لفِراقِهِمْ هَلْ أَنْجَدُوا أو غَارُوا
ولذاكَ شعري فيكَ قد سمعوا بهِ سحرٌ وأشعاري لهمُ أشعارٌ
فاسْلَمْ ولا ينفَكُّ يَحظُوكَ الرَّدَى فينا وتسقطُ دونكَ الأقدارُ